• يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
  • رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

العبثُ بالدساتير … إستخفافُ بالشعوب !

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2017-09-12
5941
العبثُ بالدساتير … إستخفافُ بالشعوب !

بقلم الاعلامي . بسام الياسين

 للعامة حكمة تقولها :ـ لا يصح الا الصحيح،ودوام الحال من المحال.فمن الاستحالة بقاء الحال على حاله لان ذلك ضد سُنن الحياة وقوانين الكون.بدورنا نقول:ـ فاسد القول يكشف صاحبه مهما تسلح بالكياسة،وفاسد الرجال يُفتضح امره مهما تستر على نفسه،وتفنن الأعلام بالدفاع عنه بلقيط الكلام وزائف الوصف.برع العربان في علم الكلام و نحت مصطلحات النفاق للتزلف للزعيم او شيخ القبيلة بكلام ليس عليه ضريبة او جمارك.فالكلمة عتادهم و الشعر ديوانهم.لهذا انزل عليهم ربهم القرآن الكريم ـ المعجزة ـ تحدياً لهم وليكون حجة عليهم بذات بضاعتهم و بما برعوا فيه،” قل فاتوا بسورة مثله “.فاخفقوا رغم انهم ” كلمنجية ” من طراز رفيع،لان الكلام المرسل ثرثرة فارغة و ” جوز فاضي” لا قيمة لها.

…ولان الله ادرى بخبايا نفوس الأعراب ومكنونات صدورهم نزلت سورة ( المنافقون ) لكشف ازدواجية شخصياتهم وتعددية وجوههم.{ وإذا رايتهم تعجبك اجسامهم وان يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خُشبٌ مُسَّندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله انى يؤفكون }.احدهم الشاعر البحتري كان من المدافعين عن المعتزلة ـ اهل الكلام ـ ومن اشد المتحمسين لهم ايام الخليفة الواثق، ولما جاء الخليفة المتوكل نكّل بهم ،فانقلب البحتري عليهم وهاجمهم. تطبيقاً لمقولة :ـ الناس على دين ملوكها.ولما سُئل عن ذلك قال كلمته الشهيرة { كان هذا ديني ايام الواثق ثم نزعت عنه في ايام المتوكل }.ا

حقيقة جلية انه لا ينكر تغير الأحكام بتغير الزمان.انقرض الشعراء ولم يبق منهم سوى قلة تتكسب رزقها بالقطعة،وحل مكانهم رجال إعلام مسلحين بمنصات ميكروفونية لتضخيم اصواتهم و اطلاق صواريخهم الكلامية لتفجيرها في احضان خصومهم ولا قيمة لمدى صدقيتها بل قيمتها في قدرتها احداث التشويش في المعسكر الخصم.لا ينافس هؤلاء “الكلمنجية” نفاقاً الا اهل المجالس النيابية التي تم هندستها امنياُ،ممن جاؤوا زوراً وبهتاناً على ظهور عربات الأجهزة المخابراتية. ببغاوات لا تتقن الا ما يُتلى عليها،ودمى لا تعرف سوى ترديد “نعم سيدي” و ” كله تمام يا فندم “.

تدور اليوم في ،مصرالتاريخ والحضارة حملة نفاقية ممن رضعوا الفكر الفرعوني،على راسهم عتاولة الإعلاميين الرقاصين على الطبلة والمزمار، وبرلمانيين مرتهنيين للدولة من اجل العبث بالدستور،لتمديد عمر الرئيس الرئاسي عامين آخرين.ولإكساب الحملة اللا دستورية صبغة وصيغة شريعة. اطلق رئيس مجلس الشعب المصري علي عبد العال صرخته الخبيثة :ـ ( الدستور ليس قرآن ) اي انه قابل للتفصيل على مقاس الرئيس.وبما ان الدكتور عبد العال فقيه في القانون الدستوري،فانه يمتلك قدرة عالية على لعبة التأويل من اجل التضليل.لعبة تذكرنا بحوادث تاريخية جرت بلادنا الى فتن وحروب اهلية لا زلنا نعاني من آثارها.فقد تم إستغلال القرآن الكريم في السياسة للحصول على الرئاسة او لإشغال العامة عن الأوضاع الداخلية المهترئة،باعتماد قانون ” الإزاحة “.إزاحة الأنظار عن المشكلة الأم الى قضية هامشية.

في معركة صفين،عندما اوشك جيش علي كرّم الله وجهه على هزيمة جيش معاوية.اشار عليه داهية العرب عمرو بن العاص،ان يرفع جيشه المصاحف الشريفة على أَسنة الرماح والسيوف.كان نتيجة هذه الخدعة، ان انقسم جيش علي على نفسه وانتصر معاوية.كذلك في عهد الخليفة المأمون،أطلق فقهاء السلطان بدعة خلق القرآن لمشاغلة الناس عما يدور في قصره من مشكلات،فهزت البدعة البلاد و العقيدة لولا ان انبرى العالم الإمام احمد بن حنبل ـ رحمه الله، فوقف في وجه العاصفة الضلالية.الامام احمد رضوان الله عليه الملتزم بشرع الله، عانى الأمرين من الخليفة وجنده، بسبب موقفه المشرف دفاعاً عن دينه وسلامة العقيدة.فتعاقب ثلاثة خلفاء عباسيين على تعذيبه، الى ان تولى الخليفة المتوكل الذي ادرك ابعاد الفتنة ومراميها.فامر بفك اسره، بعد ان اكل حديد الأصفاد لحم يديه وقدميه.

عود على بدء. الدستور ليس قرآناً ـ حاشا الله ـ،وليس سرمدياً مقدساً، لكنه يجب ان يتصف بالثبات.اما تعديله يستدعي اجراءات مشددة،ودوافع موضوعية قوية نظراً لخطورته و اهميته ومكانته،لان الدستور ” ابو القوانين ” والقانون الأساس الذي يرتكز عليه نظام الحكم.وهو الذي يرسم الحدود الفاصلة بين السلطات الثلاث،ويُبين الحقوق والحريات.باختصار:ـ الدستور اساس الحياة القانونية للدولة.ورغم حصانته،يبقى قابلاً للتعديل بشرط إزالة الخلل بين الواقع السياسي،الاجتماعي،الاقتصادي والنص الدستوري،بسبب التطورات الطارئة على الواقع المعاش. بمعنى ان معنى تعديل الدستور حسب فقهاء القانون الدستوري ” تقويمه ” ليتلاءم مع المصلحة العامة.

التعديل نوعان :ـ التعديل الرسمي وهو محدد في صلب الدستور،و العرفي المخالف لقواعد الدستور نفسه،وهو تعديل غير دستوري على شاكلة التعديل الذي لعبه فتحي سرور رئيس مجلس الشعب الأسبق،بالاشتراك مع سوزان مبارك ،لتوريث ابنها جمال على عرش مصر خلفاً لوالده حسني الميت الحي.وهي ذات اللعبة التي لعبتها جيهان السادات بالاشتراك مع زوجة وزير الداخلية آنذاك فايدة كامل، لتأبيد حكم الرئيس على الطريقة الاسدية….{ الاسد او لا احد } ..{ من الوالد للولد }…{ الاسد من المهد الى اللحد }.لعبة التمديد للرئيس،فجرت في الشارع المصري النكات عن عبث النسوان بالدستور لتحويل ازواجهن الى ملوك دائمين و الابناء الى فراعنة فوق القوانيين.

العبث بالدستور، ردة سياسية الى عهود ظلامية ظالمة،لا تشكل اختراقاً للدستور فحسب،بل انقلاب صريح على الحاكمية الرشيدة،كما انه امر في غاية الخطورة لانه يفضي حتماً الى ارباك المشهد السياسي كاملاً.إرباك ستكون كلفته باهظة على شرعية القيادة،و استقرار الناس وصورة الوطن داخلياً وخارجياً.كما ان تحلل الرئيس من القيود الدستورية،فيه شُبه تحليل المحرمات القانونية، بما يشبه تماماً تحليل زواج الرجل طليقته المطلقة طلاقاً بائناً بينونة كبرى ـ طلاق ثلاثي الابعاد ـ. فاستمرار الزواج في هذه الحالة فاسد باجماع العلماء بل اغلظ فساداً من زواج المتعة الذي يوصفه جُل العلماء بانه زنا مكشوف وتصفه العامة بالتجحيش.فالاستمرارية اعتداء.

التعدي الاول تمديد الفترة الرئاسية الى ست سنين استهتار بالدستور نفسه، وامتهان للشورى والديمقراطية .التعدي الثاني وهو المعروف لدى العامة بـ ” التجحيش” هو تلاعب بحدود الله لتمرير قضية مرفوضة شرعاً وقانوناً.السؤال الملحاح لماذا تسلك الأنظمة المسالك المرفوضة شعبياً،وتلجأ للطرق الالتفافية الملتوية بدلاً من الطريق المستقيم.السؤال الاهم :ـ لماذا لا نُغيّر الرئيس حسب ما هو منصوص في الدستور بدل ان نُغير الدستور؟!.. لماذا نلجأ للمستحيل ببرمجة دولة تعدادها ( 90 ) مليون نسمة على مقاس فرد ؟!.فهل مصر الولادة لم تلد سواه ام انه يحمل فرماناً إلهياً ؟!.

لقد غاب عن النظام المصري،و الانظمة العربية كافة.ان الاجيال العربية الشابة.أجيال الانترنيت،الكمبيوتر،التواصل الاجتماعي،ثورة الاتصالات،إنقلبت على القناعات السابقة،و المفاهيم الخاطئة،وتغيرت شروط العقد الاجتماعي بين المواطن والدولة على رأسها ان الزعيم الحاكم لم يعد الاب،الملهم،البطل.فحينما يذهب او يموت يجب ان لا يُحدث فراغاً ولا يُزف الى قبره بمناحة،وكأن حركة التاريخ ودورة الحياة ستتوقفان بعده.لقد ذهب انبياء الله واستمرت الحياة،وتأليه القادة نظرية قديمة “تجيفت” وصارت نتنة ومستحيلة الصمود في عصر ثورة التكنولوجيا الرهيبة.قائد الضرورة والقائد العظيم،والزعيم الاب مسميات غير موجودة الا في قاموس العربان

يقول الشاعر الالماني بريخت:ـ{ تعيس هو الشعب الذي يحتاج الى بطل }.ونحن نقول :ـ المواطن هو البطل.لانه العنصر الاول للدولة.على اكتافه قامت ونهض عمرانها،وبيديه دارت عجلات مصانعها.هو ذاته الذي رفع حجارة الإهرامات على اكتافه.نحت تمثال ابي الهول الاضخم في التاريخ بازميله،شق قناة السويس بمعوله،فماذا فعل قادته غير التزين بالأوسمة؟!. المشكلة فيهم وليست في المواطن الغلبان الذي يعيش رغم فدائيته الحياتية الشقية، في حالة رعب دائم بسبب احكام الطواريء،و فظائع الازمنة العرفية الراسخة في ذاكرته العميقة .المؤلم اكثر انه لم يزل يُعامل كأنه مجرم مطلوب للعدالة لغياب الحاكمية العقلانية العاقلة،خصوصاً بعد ان صارت الخارطة العربية متحفاً للخراب لا تسمع فيها غير نعيق الغربان،دوي المدافع،ازيز الرصاص.

في الختام نلفت نظر جنرالات الحرب والتعذيب والقهر الى خطورة الواقع،ونقدم نصيحة تساوي الف الف بعير بالمجان. ان الانسان الذي تعذبوه وتقهروه، ضروري جداً للحياة،للدولة،ولكم .فلولاه لما كنتم انتم،وما كانت عصيكم التي تتكسر على ظهره، ولما كانت امتيازاتكم التي ترهق ميزانية الدولة. فاتقوا الله فيه ولا تستغبوه او تذلوه.لقد كرّمه الله الذي ستقفون يوماً بين يديه.غلطته الكبيرة بنظركم انه يُحسن التفكير والتقدير بوضعكم على المشرحة لتشريح شخصياتكم وتركيبتكم النفسية،ولإنزالكم منازلكم الحقيقة التي تستحقونها بعيداً عن النفخة الطاووسية الكاذبة التي تبيعونها على الناس الفلابا تمويهاً لضعفكم …شاه ايران الطاووس / الكابوس الأكبر تاريخياً، لم يجد قبراً يضم جسده المسرطن على إمتداد الكرة الارضية،لولا ان اشفق عليه السادات ودفنه في القاهره بإشارة من واشنطن.فلا تنازعوا المواطن على حب الوطن لانه وطني اكثر منكم. يدفع ثمن وطنيته ضريبة وقهرا، بينما انتم تستنزفون الوطن لقبض ثمن وطنيتكم،قصوراً،سيارات،ارصدة ضخمة في “بلاد بره”.كفى…اللعبة انتهت او اوشكت…

أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.