- يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
- رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
- نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577
حامل المحبرة و الاستاذ “فوطة ” !
بقلم الاعلامي ..بسام الياسين
*** اللغات في اصلها موسيقى تصويرية للمعنى والمبنى. تتفاوت بين لغة و اخرى .اللغة العربية تحديدا تتميز بخصوصيتها الموسيقية الفريدة والمتميزة.خاصية خاصة بها لا تدانيها لغة في الدنيا.ولذلك كان القرآن الكريم معجزة سرمدية الى يوم يبعثون.كان اجمل تعبير ما قاله الاعرابي الصحراوي حين سمعه للمرة الاولى ” ان له لحلاوة وان عليه لطلاوة” .ما ينسحب على اللغة العربية بعامة، ينسحب على الحرف العربي الرشيق المطواع .ليس من باب التعصب للعربية،فالحق انها جمعت روعة الموسيقى وجمال الحرف ” صوت وصورة “. لهذا دخل الحرف العربي، فن الزخرفة في المساجد والقصور، واقتحم عالم الرسم التشكيلي العصي على الدخول الا لما هو بديع ومبدع،لمرونته الفائقة على الانحناء والمد.الاستدارة و الاشتباك مع غيره، ثم التُشكل بأشكال هندسية تثير لإعجاب، كمعدن الذهب الطري الذي ينثني كراقصة بالية في حركات ساحرة، تُبهر الرائي اليها بجماليات الشكل والتشكيل،اذ ان تشكيلات الحرف العربي المثير شرحها الصوفي ابن عربي بتفسيرات جذابة،اغوت مشاهير الرسامين الأوروبيين،لاستخدام حرفنا مادة لرسوماتهم الإبداعية، خصوصاً بعد ان أصيبوا بتخمة رسم الطبيعة،المرأة، و بورتريهات الوجوه. وقد ابدعوا فعلاً في رسم ” لوحة الحرف العربي ” حتى وصل ثمن اللوحة الواحدة أرقاماً مليونية.
يعود ازدهار فن الخط العربي الى ان الإسلام حرّم رسم كل ذي روح . فتحول ابداع المسلمين الى فن الخط .ما شجعهم اكثر ان معجزتهم :ـ { قرآناً عربياً غير ذي عوج لعلهم يتقون } .لافت للنظر، ان الأتراك كانوا السباقين في هذا المضمار،و كانوا ولا زالوا الأبرع و الأشد اهتماماً بالخط العربي من العرب انفسهم ـ عدا محاولات عربية متواضعة هنا وخجولة هناك .نشأت قديماً في بلاد الشام للتماس مع تركيا،خاصة مدينتي دمشق و حلب،و في الإمارات العربية حديثاً. الخطاطون الأتراك تفننوا بـ ” الرسم العثماني ” للمصحف الشريف،فأطفوا عليه جمالا على جماله حتى ان بعض المصاحف تعتبر قطعاً فنية نادرة،وبعضها عجيبة من العجائب.لا عجب فالكون البديع كتاب الله المنظور و القرآن الكريم كتاب الله المسطور .لهذا دأب سلاطين الأتراك على تعلم هذا الفن الرفيع .
يروي مؤرخو الأتراك الكبار،ان احد سلاطين بني عثمان، لشدة حبه للقرآن الكريم، وفرط اعجابه بحروفه، كان يصر على حمل محبرة خطاط ٍمبدعٍ في عصره. يغدق عليه الإكراميات ويقربه من مجلسه مثل باقي مستشاريه. حدث ذات جلسة صفاء و لحظة اعجاب،ان سأل السلطان الخطاط :ـ { هل يجود الزمان بمثلك مرة اخرى، ايها الخطاط العظيم،كي يُّعلّم الاجيال المقبلة هذا الفن الجميل… الخط العربي } ؟!. فرد عليه الخطاط بأدب جم :ـ { نعم سيدي،شرط ان يجود الزمان بسلطان مثلك، يحمل محبرة الخطاط ويُكرمَّ الخطاطين} !. فاية عظمة يحملها هذا السلطان بحمله المحبرة ؟!. و اي تقديس للحرف من لدنَّ حاكم شغوف بالدين والفن معاً ؟!.
في مشهد مقلوب عندنا ومعيب. يندى له الجبين،ويخجل منه كل ذي ضمير،وذرة من حياء. كشفت ابنة الروائي الأشهر و الأجمل عربياً نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل العالمية للآداب ، ان ” قلادة النيل”، التي تمنحها مصر العربية للعظماء التي قدمها الرئيس / السلطان / حسني مبارك للاديب محفوظ كانت مزورة. فبدلاً ان تكون من الذهب الخالص، صارت بفعل الفساد فضة رخيصة طُليت قشرتها بالذهب لخداع الرئيس والمحتفى به والناس اجمعين من دون اخذ اعتبار لقيمتها المعنوية،ولأطراف معادلة التكريم من رئيس وحامل نوبل مبدع وشعب تعداده بالملايين.
العبرة في الوسام لقيمته الشرفية لا لسعره،لكن المشكلة في الأيدي الملوثة التي تسطو على النفائس، والنفوس الخبيثة التي لا تتورع عن سرقة اي شيء مهما بلغت قداسته،حتى امتد الفساد الى افساد اوسمة العظماء و الابطال من اجل ” لهط ” فارق سعر زهيد بين معدن نفيس وآخر خسيس لا يتجاوز الفارق بضع مئات من الدولارات.عمل شائن،يعتبر اهانة كبيرة بكل المقاييس الادارية للدولة، والمعاني الاخلاقية للانسان، و المراميز الدلالية للادب والفن و العظماء.خسة وانحدار وصلت لتزييف الأوسمة المقدسة.ناهيك ان اللصوص من حاشية الرئيس، اثبتوا بفعلتهم المنكرة انهم لا يخافون افتضاح جريمتهم،ولا يؤمنون بالابداع ولا يخشون الرئيس نفسه ولا طاقم مخابراته.في بلادنا اصبحت، لعبة التزييف لا تتوقف عند الاوسمة بل تتعداها الى تزوير التاريخ و ازمنته الممتدة لآلآف السنيين باستبدال قطع الاثار الذهبية الثمينة، بقطع مزيفة فيما الاصلية تُباع خارج البلد بالملايين،والمزيفة تبقى للعرض في المتاحف.
اتخيل لو قُيضَّ للسلطان العثماني ـ حامل المحبرة ـ ان يرى ما تفعل العربان اليوم من الآعيب شيطانية في فنون التزييف وضروب الفساد لصاح في قبره : ـ امان ربي امان ـ.لذلك نسأل ـ العباقرة ـ اان يدلونا، ان كانت هناك منطقة وسطى،لنقيم فيها ـ نحن المبتلين بلعنة الكتابة الطاهرة البعيدة عن ضروب المداهنة و فنون التزييف. فهل نكتب بالحبر السري كي نسلم من الجرجرة لاننا نؤشر على الفساد ونفضح اهله،ونطالب بتحطيم سلالم المتسلقين وهدم الجدران الاستنادية التي يسندون سلالمهم عليها لان الساندين والمسنودين سرقوا حقوق غيرهم بالتزييف؟!.
الاستاذ فوطة !
*** الاستاذ ” فوطة ” هو احد وجوه العار الاكثر بشاعة بين العباد.ربما يكون سنام الوقاحة في الوقاحة.المشكلة المزمنة مع “الرجل الفوطة” انه دائم الحديث عن العفة و اكثر المتحدثين عن الطهارة….عجيب امرك يا هذا .اسألك “بشرفك” :ـ لمن تعزف مزاميرك،وعلى مّنّْ تسوق بضاعتك المزجاة الفاسدة.الغشاش ليس منا ولا يُشرفنا ان يكون منا. الغش ـ يا استاذ الغشاشين ـ ، لا يقتصر دوره على غش الأغذية، الابنية،النجارة،الحدادة،الأحذية،شق الطرقات وغيرها.هذه الموبقات رغم خطرها تكون محدودة الاثر،تصيب من يتعامل معها.الغش الأخطر ما يكون في السياسة لانه يلحق الضرر بالامة كافة.يُقطّع اوصالها،يُكلسَّ مفاصلها حتى تفقد الحركة . لا غرابة،ان اصبح مجتمعنا مجتمعاً سوريالياً.لكن رغم كل العبث على الساحة،فالحقيقة لا يمكن تزويرها حتى لو تكالبت عليها الدنيا؟!. أنصحك يا هذا ـ لوجه الله تعالى ـ ان تكف عن الآعيبك المعيبة.انت لست مقنعاً ولا مؤثراً،فالتزام الصمت اولى بك،و انفع لك ولمن حولك، لانك مثل صرصار وقع على ظهره، لن ينهض ابداً من ” سقطته ” مهما حاول الشقلبة.كذلك انت، لن تنهض من سقطتك، الا اذا قلبتك الاجهزة مرة اخرى على بطنك لتحسن المشي، كما فعلت لك في المرة الاولى،اذ انها شالتك، بمحرمة معقمة لتعيد اليك توازنك.