- يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
- رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
- نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577
نخب العرب تصنع العجب !/ بسام الياسين
((( سألوا هتلر من احط الناس في نظرك ؟.فقال :ـ اولئك الذين ساعدوني على احتلال اوطانهم ))).اما نحن فنقول :ـ “الأحط منهم اولئك الذين يقوضون دولهم من الداخل،كما فعلت فئران سد مأرب التي نخرته،فانهار السد وانهارت الدولة وبادت تلك الحضارة،ثم تحولت الى خرائب،تثير شهية السياح لالتقاط الصور،وتذكرة لما فعلته الفئران. ))).
جوع تتفاقم حدته بدلاً من مكافحته،تتسع سطوته عوضاً عن محاصرته.الدولة الوطنية تنهار، دون ان يسندها احدُ بحصوة.تتشظى مثل جرة فخار سقطت من عَلٍ.الشارع هو الآخر،تغير تغييراً جذرياً،كأنه انقلب على ذاته،بسبب تدهور اوضاعه المعيشية،ارتفاع منسوب فساد النخب،غياب العدالة،اخفاق التحول الديمقراطي،المحاصصة،الرشوة،تقاسم السلطة كغنيمة،تراجع الحريات العامة، ضخ الاعلام العربي وعياً مزيفاً وحقائق مقلوبة،برعاية اعلاميين كسبة،باموال تقتطع من خبز الفقراء لتبييض الوجوه الكالحة.لذا، وصلنا الى فساد لم تصل اليه مخيلة،ولم يحلم بمثله عدوُ،وسوابق سلبية، تفوقنا فيها على من قبلنا بفضل نخب منحطة.فهل هؤلاء الذين يسيؤون الى شعوبهم،هم الذين سنواجه بهم الالفية الثالثة،الفية المعجزات العلمية ؟!.قطعاً لا،فمن حق شعوبنا لفظهم،لانهم يعانون من امراض عقلية و نفسية،تنعكس على الامة بمجملها.
اذاً، من حقنا كباقي امم الدنيا،تأسيس معارضة قوية عاقلة راشدة،من الشرفاء المشهود لهم بالطهارة الوطنية،لكنس الاحزاب التي تتسول من الدولة،والصحافة المستأنسة الوادعة الراقصة دوماً على انغام موسيقى الحكومات التي توجهها،،بينما البرلمانات المدجنة تنأى بنفسها عن خوض معارك كسر العظم مع نخب فاسدة شفطت المياه،و اكلت العشب ولم تترك لغيرها سوى القش والتبن.هذا الوضع، يذكرنا بقول الراحل حسنين هيكل عن عراق بعد الاحتلال الامريكي مثالاً لا حصراً :ـ ” العراق اليوم،عبارة عن بنك،استولى عليه لصوص،لا علاقة لهم بالسياسة،ولا بالحكم ولا بالادارة. بدورنا نسأل :ـ كم عراق في الوطن العربي،سرقته النخب،فكانوا اكثر فساداً و افساداً من الغزاة انفسهم ؟!.
صحيفة الوطن الجزائرية،هي الاخرى،تفضح بالاسماء الرباعية و الارقام الموثقة ابناء الذوات وكبار المسؤولين في الجزائر ـ بلد المليون شهيد ـ،وتسلط الضوء،على شركاتهم الاسطورية،و اموالهم الخرافية التي تعود عليهم جراء وضع اليد من لدن ابائهم على قطاع الاستيراد و الخدمات وما تيسر من منابع المال،حيث قُدرت اموال الابناء المتداولة وحدها بـ ” 60″ مليار دولار سنوياً.الصحيفة الجريئة اطلقت على هؤلاء القطط السمان الصغيرة اوصافا، بـ ” الاسياد الجدد” و “ابناء القيادة في جمهورية علي بابا “.من الجدير ذكره ان الامة كلها مبتلاة بمثل هؤلاء الآباء والابناء الذين يتوارثون السلطة ويتقاسمون الكعكة
في معمعمة العولمة التي حولت العالم الى قرية صغيرة،خسرنا الرهان على مد جسر تواصل واحد بيننا،ولم نقص شريطاً حدودياً يفصل بين دولتين هما في الاصل دولة واحدة،لكننا رفعنا اسوار الكراهية بين بعضنا،وعمّقنا الحصار على اشقائنا.الادهى تخطى العربان كل هذا،وشقوا طرقاً التفافية مع العدو الصهيوني،حتى اصبحوا يدورون في فلكه وكأنهم جزء من منظومته.نقول،اذا كان الحياء شعبة من شعب الايمان،فماذا تنتظر الامة، ممن لا يستحي من ربه ويتعامل مع عدوه ضد شقيقه.
ضمور اقتصادي يضرب الوطن العربي،ضنك معيشي،تفكك اجتماعي،انهيار الاسرة، ملايين الاطفال بلا تعليم ولا تربية.هم قنابل موقوتة ومشاريع جرائم خطرة مزروعة في احشاء اوطانهم.تضخم مالي،غلاء بمتواليات مجنونة،انفاق تسليحي مرعب، يبزَّ الدول العظمى،تبذير النخب للثروات،تهربها الضريبي واتجارها بكل ما يغضب الله.لهذا تعيش الدول العربية الفقيرة وشعوبها البائسة،كعصفور مكسور الاجنحة، وقع في فم ثعبان “البنك الدولي.فشل حركته،جفف دم عروقه،فيما النخب تحيا في براميل العسل حتى تكاد ان تختنق فيه.
مستقبل عربي يعج بمحاذير متشعبة غامضة،عقابيلها تشي بتحولات دراماتيكية عميقة وسريعة،ليست في مصلحة العامة ولا الأنظمة.المستقبل المنظور،لا يحمل خيراً بل ينطوي طياته على مواجع محتومة،لان الانظمة العربية المستبدة، قتلت في الانسان انسانيته ودفعت الشعوب للبحث عن اوطان اخرى.اول ما قتلت الوعي،روح الابتكار،نفحة الايمان بامته انها خير الامم.المخزي، ان الحكومات العربية، لم تقدم للانسان المقومات الضرورية لآدميته،فيما نهبت النخب حياته. اليابان، تحتضن العباقرة من اطفالها،تبحث عنهم،لتتولى رعايتهم تدريساً،حضانة،تغذية،تربية نفسية وسلوكية.امريكا تُجنّد طاقاتها لشراء العقول الفذة، وجذب الكفاءات من كل بقاع الدنيا،اما نحن نسجن العلماء،ندمر الكفاءات،نلاحق اصحاب الاشراقات الابداعية.بالمقابل نطلق ايدي النخب لتسرق اموال الدولة،تنهب الاراضي،تتهرب من الضرائب،تبيع الاثار النادرة ،حتى تمكنت وقويت شوكتها، فاسست دولاً موازية داخل دولها،لدرجة ان لا احد يجرؤ على الاقتراب منها.
حالتنا تتطابق مع حالة اثينا ـ ايام زمان ـ التي استأثر فيها اهل السلطة بالنفوذ والثروة.لذلك رفضوا ان ينافسهم احد ولا حتى ان يعترض على تفاهاتهم كالفيلسوف سقراط صاحب العقلية الفذة و الفكر الخالد،فحكموا عليه بالموت بتهمة افساد الشباب،والاستخفاف بالآلهة،لكن الحقيقة مختلفة تماماً، عن مزاعم النخب الكاذبة.كل ما في الامر ان سقراط يمثل معارضة لإرباب السلطة ، الفاسدين اخلاقياً،والضعفاء سياسياّ،خاصة بعد هزيمة اثينا امام اسبارطة ” اسرائيل اليوم “.لذلك لم تسمح منظومة الحكم الهشة في اثينا، المستغلة لمناصبها،الشرهة للمال،لعقلية مثل سقراط تستشرف المستقبل،ويمتلك شخصية جاذبة يلتف حولها الناس،ان تقوّض مكانتها المهزوزة،فحكمت عليه بالموت،بان يتجرع السم بتهم باطلة.
ابو ذر الغفاري،متزعم اول مظاهرة في الاسلام،صاحب الكلمة الباسلة،حامل راية الجياع،المناهض لاحتكار السلطة والثروة،ذهب من المدينة المنورة الى دمشق، ماشياً على قدميه، ليقول كلمة حق في وجه الخليفة معاوية،صاحب الاطيان والمزارع والمتحكم بخزائن الدولة :ـ اين حق اهل الخصاصة بمال الامة ؟!. اين التكافل والتضامن مع الفقراء ؟!.
الساسة النخبويون العرب، لم يقرأوا التاريخ جيداً،فالجوع حتماً، سيفك الالسنة الملجومة،يطلق الايدي المقيدة، للمطالبة بحقوقها المنهوبة و حق الحياة الكريمة. قصة “حنيفة ” التي اكلت ” ربها ” حين جاعت،ما زالت ماثلة في اذهان العرب،و ما زال صداها يتردد في كل مكان وزمان.فالشعوب ان جاعت، ستأكل ارباب السلطة ونخبها طالما حالتنا تزداد سوءاً. مدونة بسام الياسين