- يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
- رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
- نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577
شعار النخب في الأردن: عارض بسقف مرتفع ثم تمتع بالمناصب العليا
وقف عضو البرلمان الأردني الأسبق مبارك طوال مشدوها وهو يستمع لغمزة سياسية على لسان زميله البرلماني سابقا ورئيس الوزراء حاليا عبدلله النسور تلمح إلى أن نتيجة الإرتفاع في سقف المعارضة تحت قبة البرلمان يقفز برجل السياسة إلى أعلى وأرفع المناصب.
فكرة مزحة النسور السياسية في مأدبة الغداء التي أقامها طوال كانت بسيطة ومباشرة ومكررة في الواقع: إرفعوا سقف المعارضة فتزيد فرصتكم في إدارة شئون البلاد.
عمليا هذا الطرح لا يصلح إلا مع رموز السياق البيروقراطي لإن كثيرين في البلاد رفعوا سقف الإعتراض دون تمتعهم بما حصل عليه النسور صاحب المواقف المعترضة بشدة تحت قبة البرلمان قبل تكليفه برئاسة الحكومة مرتين عمليا.
الغمزة هنا سياسية بإمتياز وتكشف عمليا عن قانون غير مكتوب في معادلة الحكم والإدارة بالأردن فالمؤسسات المرجعية تبدو شغوفة أحيانا بتسليم نخبة من كبار المنتقدين والمناكفين شئون الإدارة وأرفع المناصب ليس في إطار التخلص منهم أو الإنزعاج من جملتهم الإعتراضية ولكن في سياق خوض تجربة جديدة ستنتقل تأثيراتها للرأي العام.
تلك برأي مراقبين كثر لعبة سياسية ملموسة صالحة دوما للتعايش في أوقات الإسترخاء وليس في الأوقات العصيبة فقد سبق للعاهل الراحل الملك حسين بن طلال أن قلد بعض الجنرالات الذين حاولوا الإنقلاب عليه في أوقات الإسترخاء مناصب وزارية ودفعهم ذلك للإنقلاب على أنفسهم عشرات المرات.
طبعا تلك أيضا ليست دعوة مفتوحة لرفع سقف الإعتراض والمناكفة فالنتائج ليست دوما مضمونة يقول عضو البرلمان محمد حجوج وهو يبتسم قبل التوثق من أن مسألة (حرق الرموز) بقيت من قواعد لعبة الحكم والإدارة في البلاد التي تواجه اليوم مشكلات ومعضلات حقيقية إقتصاديا وسياسيا وأمنيا .
النسور نفسه لا ينفي في لقاءاته العلنية أنه (عارض بسقف مرتفع) عندما كان برلمانيا متحررا من المسئولية فذلك واجبه كما قال للقدس العربي مشيرا لإن تجربته الشخصية تدفعه اليوم لتفهم مبررات وخلفيات المواقف الصادرة عن البرلمان والبرلمانيين.
النسور عارض قانون الإنتخاب والعديد من المشاريع التي تبنتها حكومات شكلها القصر الملكي وأدلى بخطابات نارية وحجب الثقة عن ثلاث حكومات …كل ذلك حصل قبل تكليفه برئاسة الوزراء.
وعندما كلف الرجل للمرة الأولى طرح بعض أركان الحكم الطموحين في منصب رئيس الوزراء سؤالا إستنكاريا بالمعنى التالي : هل نفهم الأن بان المعارضة هي التي ستقفز بنا للمواقع الأولى؟.
بالنسبة للنسور المسألة تتعلق بهامش له علاقة بالخلطة الأردنية وبهوامش المناورة والتسامح فقط وليس بمكافأة من يعارض أو السعي لإحراجه.
على هذا الأساس يتفهم الرجل تصويت شخصيات بارزة ومحسوبة على دوائر الدولة والنظام لصالح حجب الثقة عن حكومته ويبدو مستعدا لهذه الدورة من الإعتبارات الشخصية التي تحكم بوصلة السياسة الداخلية في بعض الأحيان.
لكن برأي معارضين بينهم الناشط السياسي محمد خلف الحديد هذا الأسلوب في إختيار (رجالات الحكم) إستنفذ ولم يعد صالحا لإدارة الشأن العام في البلاد خصوصا وأن عملية إحراق المراحل والرموز بين الحين والأخر قلصت من هامش المناورة في الإختيار أمام مؤسسة النظام وأفرغت الساحة من الكوادر المؤهلة وأنتجت ظاهرة (أكباش الفداء) وتسببت بتدمير سمعة ومصداقية كثيرين يمكن الإعتماد عليهم أو الإستفادة منهم مستقبلا.
لذلك يشعر الجميع بأن البلاد تعاني من أزمة (مطبخ سياسي) وبأن رجال الدولة الأقوياء والخبراء إما خارج المؤسسة أو بين صفوف المعارضين والمتفرجين وبان ساحات ومفاصل التأثير يحتلها مجهولون او موظفون فقط برتب عالية يجيدون تنفيذ التعليمات ولا يشاركون في صناعتها.
ولذلك أيضا سرعان ما تتحول مشكلات صغيرة إلى (معضلات مستعصية) على حد تعبير الباحث الدكتور عامر سبايله وسرعان ما تتعقد الأمور وتتراكم بدلا من تبسيطها فيما يتفق الفرقاء جميعا على رصد هوامش واضحة المعالم بين كثرة الحديث عن مبادرات الإصلاح والديموقراطية بدون إصلاحات حقيقية تقنع الشارع والحراك وتلك المعارضة الحقيقية التي لا تتطلع للمناصب.
اللعب على المكشوف15-06-2013