- يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
- رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
- نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577
..مفاسد اهل الحظوة الذين استأثروا بالصفقات والعطاءات..
( للدكتور الرائع صالح سالم الخوالدة الذي عرفته قبل ان التقيه ، و التقيته من دون ان اجتمع فيه )
بسام الياسين
ما من كذبة في الدنيا تنجو من فضيحة الافتضاح، و قباحة العُري، ووقاحة التعري، وبشاعة الانكشاف. الكذب كوميديا اللاموقف، عقابيله على الدوام مخجلة . سياسات خرقاء،خطط مرتجلة،حسابات عمياء، جرفتنا لحافة الحافة، جراء لعبة الاختبارات والتجريب على المواطن كأنه جرذ في معمل ابحاث تجارب، تَّم خلالها تجريف اصول الدولة و اغراقها في مديونية غير قابلة للسداد الا بمعجزة،وزمن المعجزات ولى وانتهى.نتائج مفزعة كانت ولم تزل لسياسات اقتصادية فجة، وُصِف بعضها بالصبيانية. فاشترينا " البهدلة بالعملة الصعبة"، وكبلنا ايدينا وقرارنا الوطني بكلبشات صندوق النقد الدولي .فغدا حال حكوماتنا، حال "المُنبتّ" الذي وصفه الرسول عليه السلام : " لا ارضاً قطع و لا ظهراً ابقى". سياسة عُطبت راحلتها قبل ان تنهض من ارضها، فظلت تراوح مكانها ،وتدور حول ذاتها كـ "ثور الرحى" المعصوب العينين. فتسآءل الأميون قبل المتعلمين: ما الذنب الذي اقترفه الشعب، ليطحنه الفريق الاقتصادي بالجوع،ويضعه في اعوام رمادية موصولة لم تتوقف عجلتها، منذ ان استلمت وجوه النحس دفتها ؟!.
*** سياسات زلزلت ارضنا الصلبة، وشرخت مجتمعنا شرخا،مازلنا نعاني من ارتداداتها.فاصبح مجتمعنا الواحد اثنين منفصلين يعيشان في غربة عن بعضهما، يخيمُ عداءُ صامتُ عليهما. سادة يتربعون على اكتاف الناس، يكاد لقلتهم ـ لا بارك الله فيهم ـ يتسع لهم راس دبوس .يقابلهم اناس يعيشون في الحضيض يملأون الساحات، وتضيق بهم الارصفة. يتكدسون على بعضهم ساعة الافطار في "تكية ام علي" كتنابلة السلطان ايام زمان.تراهم لشدة فقرهم يتزاحمون على موائد الرحمن كتزاحم النمل على فُتات قطعة حلوى سقطت من يدَ ميسور. ابناء ذوات لهم كل شيء, يأكلون طعامهم بالتواصي و الـ "ديليفري"،لا يستطيعون بلعها الا بـ "العصير" الاسكتلندي، ورقيق يفتقرون لكل شيء.يقتاتون "على الريحة" لدرجة انهم لا يجدون المياه العكرة لبلع خبزهم الحاف. ارستقراطية غاطسة بالعسل، متخمة بالدسم ،و شريحة مكدودة مهدودة لُقمتها مغموسة بالسم .
*** نخبة منتقاة على "الفرازة" كالزيتون المُر قبل العصر، وبعضهم الآخر "مُنقى على الصينية" كالعدس لا تعرف وجوههم من قفاهم. يقابلها اغلبية متساقطة كالنشارة ومتطايرة كالعهن المنفوش.. قصور فارهة مقاعد حماماتها مستوردة،لتناسب ارداف اصحابها الناعمة ،تزنرها عشوائيات طينية متهالكة تفتقر لإبسط مقومات الحياة. اموال مودعة في البنوك الاجنبية لاهل الحظوة المقيمين،و اصحاب الخطوة العابرين للقارات.وهناك فقر لصيق بالتراب يشي بالانسحاق،فاقل من 10% يعيشون في نعيم مقيم، و اكثر من 90% يتّقلبون على جمر الجحيم. قلة مشغولة في تخفيف اوزانها وحرق دهونها الثلاثية و اذابة شحوم كروشها وشد وجوهها، وشفط اردافها،و كثرة كاثرة تعيش على الكفاف،تعيش لهفة انتظار الصدقات، و بعضها الآخر يعتاش على ما تجود به الحاويات،فتكرمت الحكومات الحنونة باضافة الفيتامينات على طحينها لانقاذها من فقر الدم وهشاشة العظام.
*** خلال الثلاثين سنة الاخيرة، نبتت طبقة من كبار الموظفين كالفطر على سطح المناصب الرفيعة، واستعملت اقصى فهلوياتها لاستغلال حساسية الوظائف. استأثرت بالصفقات والعمولات و العطاءات بالتلزيم تارة و التأزيم تارة. بالترضية احياناً و القنوة احيانا، ووضع اليد على الاراضي الاميرية، وسرقة المال العام، و اجتثات ما فوق الارض، والتنقيب ما تحت الارض، حتى المياه ـ اكسير الحياة ـ شفطوها رغم انها حق شرعي وقانوني وإنساني للكافة،عملاً بالحديث الشريف:الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار".
*** الزميل ابراهيم غرايبة: اورد في مقالته في "صحيفة الغد" بتاريخ 6/7/2010 : " يوجد في عمان 17 ألف بركة سباحة. تستهلك ما مقداره حوالي أربعة ملايين متر مكعب، وهذا يساوي الحصة المائية المقررة لأكثر من خمسة وعشرين ألف مواطن، من مياه الشرب والزراعة، والصناعة "،وبعد اربع سنوات لا نعلم كم بلغ تعداد برك اهل النعيم ،اما بانيوهات الحليب لتطرية البشرة بالوف اللترات،فخارج التغطية،وهو ليس حليبنا المغشوش ومشتقاته غير الصالحة للاستهلاك الذي تضبطه بعضه الاجهزة المختصة في المتاجربينما نزدرد الباقي.
*** كميات ضخمة من "مياه الشرب العذبة تذهب لرفاهية اهل الحظوة". اما سراق الماء من المتنفذين اهل الخطوة في عمان وضواحيها، فيسرقون اضعافها.بمعنى اننا بحاجة الى شلالات نياجارا الشهيرة لسد سرقات المتنفذين، واحتياجات مسابح بيوتات عمان الراقية، فيما الارياف والمخيمات والبادية والمناطق النائية تعاني من عطش مزمن لا تصبر عليه جمال الربع الخالي بكل ما أُوتيت به من قوة احتمال. وما احتجاج المواطنين العطاش على انقطاع المياه، إلا دليل قاطع على تفاقم الأزمة.فالفساد المائي المسكوت عنه، يُشكل اكبر انواع الفساد في تاريخ الاردن،لا يقل خطورةً عن الفساد المالي و الاداري،فبعضهم يسرق ماء الدولة ثم يبيعها للمواطنيين في تحدٍ سافر لكل الاجهزة ،رغم الصراخ باننا من افقر ثلاث دول مائياً في العالم.
*** مصيبة المصائب وعجيبة العجائب الثامنة اردنياً بعد السبع المشهورة عالمياً، ان موظفاً صغيراً تَدَرّجَ في غفلة من الزمن بوظيفة حساسة،استطاع امتلاك قصر منيف، بنظام حماية وتدفئة وتكييف و اضاءة يضاهي البيت الابيض، تصطف على بابه مجموعة من السيارات، وسيولة لا يعلمها الا الواحد الاحد .هذا الموظف ليس واحداً بل احادٌ كثيرة، تراهم يبدلون موديلات سياراتهم كما يبدلون جراباتهم.، اما نسوتهن،لا يجدن وسيلة لتبديد الملل الا بالتسوق في اسواق اوروبية،ويتنافسن لتصغير انوفهن، بعمليات تجميل مكلفة. الاكثر إنتشاراً عمليات تجميل الاسنان للحصول على إبتسامة هوليودية،كابتسامات ممثلات هوليود،بينما اسنان العامة منخورة لقلة التغذية.
*** قبل ايام روت لي ابنة اختي ـ ام ياسر ـ الصّوامة القّوامة "ان مشاجرة نشبت بين ام وابنتها من. قالت الام للصبية بعد صراخ وصل لمسامع الجيران : "لا يوجد في البيت الا الشاي والخبز،عجبك افطري ،و الا دقي راسك بالحيط".ما دفع "الطيبة" لحمل ما تيسر للعائلة المنكوبة بخطايا البرامج الحكومة. السؤال "المركزي" اذا كان الانسان هدف التنمية لماذا يتم تجويعه؟!. و اذا كان الانسان اغلى ما نملك فَلِمَ يجري إذلاله ؟!.
*** هذا الوضع، يقودنا الى قرآءة ظاهرة الفقر.فالاحصائيات الحكومية غير امينة ومبتورة، اذ انها لم تكشف لنا عن الفقراء الحقيقيين، من قطاع الموظفين والمعلمين والمتقاعدين مدنيين وعسكريين، وعمال مياومة،و"عمال بالقطعة،يقفون من طلوع الفجر على باب الله"، وصغار كسبة، ومرضى وعجزة خارج التغطية .كما اسقطت ما يعرف بـ ـ الفقراء المُقنعين ـ من موظفين يعيشون على الكفاف، لم يُدرجوا في سجلات الفقر، مع ان رب العباد قال فيهم: «يحسبهم الجاهل اغنياء من التعفف» لانهم يعضّون على جوعهم بأسنانهم خوفاً من شماتة الاخرين، ويحفظون ماء وجوههم من ذل السؤال،حتى لو ماتوا جوعا.وتجاهلت الإحصائية ايضاً ذكر جيش الشحادين المرابطين على ابواب المساجد والمقابر عند الدفن والبنوك و الاشارات الضوئية. ناهيك عن آلاف السجناء المحكومين وذوي الاسبقيات الذين تغص بهم السجون حيث تقبع عوائلهم بلا مُعيل،واولاد الشوارع الذي يهدرون اوقاتهم على الارصفة وزوايا المقاهي وقاعات البلياردو، و ابواب دور السينما.
*** ليس من باب البلاغة اللغوية القول ان الفقر والكفر توأمان سياميان لا ينفصلان. فالفقر له ذيوله: تفكك اجتماعي ،انحراف اخلاقي، انحلال اسري ،عنف مجتمعي وجامعي ومدرسي، ادمان على الكحول والمخدرات، تسرب من المدارس ، انتشار ظاهرة فتيات الرصيف والتلفون، وما يستتبع ذلك من جرائم في رقبة أُولي الحل والعقد.وهذه ليست فتوى مني، بل امانة اخلاقية ومسؤولية ادارية ألزم بها ابن الخطاب نفسه " والله لو عثرت "بغلةُ" في الكوفة او البصرة لخشيت ان يسألني الله يوم القيامة لِمَ لمْ تُصلح لها الطريق يا عمر".هنا اُذّكر المسؤولين،الجالسين بمكاتبهم الفخمة بعمان ان طرقاتنا خارج العاصمة بحاجة لاصلاح لا للبغال بل للآوادم.
*** بصفتنا جهة رقابية نستظل بافياء "صاحبة الجلالة" الصحافة، من حقنا أن نسأل الذين يدّعون بأنهم يسمعون دبيب النمل وما تخفي الصدور،وما يدور خلف الجدران،من اين دخل هذا العدد الكبير من المتسولين الى بؤر الفقر؟!.ومن اين تسلل هذا العدد الصغير من المسؤولين الى نادي اصحاب الملايين ؟! وكيف أثْروا ما بين طرفة عين و إنتباهتها وجُلهم لم يرث عن ابيه سوى الفاقة حتى ليقال ان كفن والد احدهم كان صدقة من مُحسن لشدة فقره، فيما الاخر كان والده يحمل حذاءه تحت ابطه خوفا عليها من الاهتراء،وثالث كان يُحَزمّ بنطاله بخيط مصيص نتشه من شوال تالف،و لا عيب في الفقر، لكن العيب في العيب.فالحقائق تؤكد،ان الفقر يولد من رحم الغني، وفقدان العدالة،وانعدام المساواة في توزيع الثروة،والتلاعب بمعايير تكافؤ الفرص. بينما الثراء السريع ماعدا ـ التجارة والوراثة ـ ياتي من حرام.اما نكتة الفاسدون السمجة انهم دعاة اصلاح،ويرد الله عليهم: ( *و اذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون، * الا إنهم المفسدون ولكن لا يشعرون) .
*** اذاً،السياسات الاقتصادية الخرقاء، وبرامج الاصلاح المرتجلة، وارتجال التخطيط، وضعف الانتماء، «وقلة الدين» وفقر الاخلاق ادى لزيادة فقر الفقراء،وتلاشي الطبقة الوسطى المبدعة،حيث يؤكد دكتور اقتصاد : ان الاموال المخصصة للاصلاح الاقتصادي، ومحاربة الفقر ذهبت الى "اشخاص و مسؤولين"،بينما يقول دكتور اصلاحي: ان مكافحة الفساد لم تأت أُكلها،لان الاموال المسروقة لم تزل مجهولة، والمشاريع الحكومية بدلا من ان تنهض بالاقتصاد، وتدفع عجلة النمو، تحولت الى عبء كبير على الوطن والمواطن معاً، وجاءت بنتائج عكسية فارتفع الفقر، وتضاعفت جيوبه، وتزايدت المديونية، ما دفع الحكومة للتفنن في إجتراح طرق التفافية لرفع الاسعار والضرائب، وابتكار الحيل لسحب دم المواطن بعد ان جف ضرعه و ذاب شحمه.
*** رغم هذه الدروس، وفقدان المواطن لـ «الامن المعيشي» لم تتعلم الحكومات من اخطائها حين باعت ما فوقها وما تحتها، وجلست على الحديدة، و اجلست الشعب على الخازوق مع انه لا يجوز ان يتحمل فواتير الفاسدين،و اخطاء الجاهلين. وما لم تخرج مبادرات شجاعة لترميم كوارث الخصخصة، و اتخاذ خطوات سريعة لمحاربة الفساد المستشري في كل اجهزة الدولة، والاستغناء عن الوزارات الفائضة والحمولة الزائد من المستشارين من نوع " لزوم ما لا يلزم، وتحصيل ديون الدولة على الافراد والشركات البالغة مليار دينار، واستغلال الموارد الطبيعية ، واستخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح المتاحة، باكلاف زهيدة ، وتكسير قرون عمالقة الفساد،وحلفاء الليل من لصوص الظلام الكبار، وتحطيم بوصلة الحكومة الحالية التي لم تعد تتعرف الا على اتجاه الاتجار مع اسرائيل، و انهاء سياسة 90 % المغلوبة على امرها التي تقوم على خدمة 10% من الطغمة الجشعة.غير ذلك مثل غناء رديء، في طاحونة قديمة عالية الضجيج، وسقاية زرع بماء مالح.
*** لاجل تحقيق الشعارات المرفوعة "الاردن اولا" و"كلنا الاردن" و "اهل العزم" التي سفحنا عليها الكثير من الحبر بلا فائدة.و حتى تكون الشعارات فعلاً لا قولاً "الاردن اولا "، و"كلنا الاردن و الاردن لنا" يجب ان يكون قبل ذلك " الاردن فوق الجميع وللجميع" و يكون المواطن شريكاً في المراقبة والمحاسبة، لتحقيق العدالة،و توزيع الثروة،ليشعر انه شريك في التنمية، و يترسخ عنده الانتماء.غير ذلك كلام انشاء متطاير في الهواء.
*** الاردن خزان هائل من الموارد الطبيعية والعقول البشرية ، و قلعة مزنرة بالرجال الاوفياء المختلفين عنالنخبة المُتكسّبة التي لهفت البلد ووالد وما ولد، تحت ذريعة "الولاء والانتماء" الكاذب.فنحن نعيش في دولة قانون ومؤسسات، لا اقطاعية سائبة يديرها "اهل الحظوة" بالقطعة، بذهنية ما قبل الدولة ،ويُحوّل اموالها "اصحاب الخطوة" الى خارج البلاد.لذا نُذكّر الفرق الآثمة على راسها " الفرقة المنتفعة،فرقة السمسرة،فرقة العمولات القابضة،الفرقة المرتشية،الفرقة السارقة، فرقة المرتزقة " بقوله تعالى* لا يغرنك تقّلبَ الذين كفروا في البلاد * (أي تصرفهم بالكسب والتجارة) * متاع قليل ثم مأواهم جهنم و بئس المهاد. صدق الله العظيم.
سمير عتوم09-07-2014