• رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

أطفال ذوو إعاقة.. انسحابات من التعليم لصعوبة الوصول للخدمات التعليمية

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2015-12-03
1260
أطفال ذوو إعاقة.. انسحابات من التعليم لصعوبة الوصول للخدمات التعليمية

 رغم انقطاعها عن الدراسة 4 أعوام، عادت "جنى" إلى مقاعد الدراسة منذ نحو عام، لتتقدم لامتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة "التوجيهي" للدورة الشتوية الحالية، ضمن قوائم التعليم غير النظامي.

جنى "اسم مستعار"، ولدت بإعاقة مزدوجة، ضعف في السمع والبصر، فيما استمر نظرها في التراجع إلى أن فقدته تماما في سن الثامنة، بينما تعتمد سماعات طبية لتحسين قدرتها السمعية.

الإعاقة المزدوجة، وعدم وجود مدارس لديها قدرة على توفير خدمات تعليمية مناسبة، دفعت "جنى" للانسحاب من التعليم بشكل نهائي وهي في الصف العاشر.

تقول والدة جنى: "خلال أعوام الدراسة الأولى تمكنت من إلحاق ابنتي بمدرسة خاصة قريبة من مكان سكني، حيث كانت المعلمات هناك متعاونات"، مضيفة "لكن بعد أن فقدت جنى البصر تماما، اضطررت إلى نقلها لمدرسة خاصة بالمكفوفين".

وتتابع "لم تكن تجربة طفلتي إيجابية بمدرسة المكفوفين، كونها مؤهلة فقط للتعامل مع الطلبة من ذوي الإعاقة البصرية، أما أصحاب الإعاقات المركبة فلا خدمات لهم".

"لجأت إلى الاتفاق مع أساتذة لإعطاء ابنتي دروسا خصوصية في المنزل"، وفق الوالدة التي قالت إن ذلك "ساعد كثيرا، لكنه لم يكن كافيا لاستكمال (جنى) دراستها".

وتوضح "كانت تشعر ابنتي في كثير من الأحيان وكأنها غير موجودة في الصف، إذ لم يكن هناك أدنى اهتمام بها من قبل المعلمين"، مؤكدة "تحول هذا الشعور بالإهمال إلى إحباط، ما دفع بها إلى الانسحاب من المدرسة وهي في الصف العاشر".

وتزيد الوالدة "استمر انقطاع ابنتي عن المدرسة أربعة أعوام، لكنها في العام الماضي وبعد دخول شقيقتها الكبرى الجامعة وبتشجيع من العائلة، عادت جنى إلى الدراسة، فهي ملتحقة اليوم بالتعليم غير النظامي، وستتقدم لـ"شتوية التوجيهي" بالفرع الأدبي، بمساعدة عدد من الأساتذة عن طريق دروس بالمنزل".

لدى "جنى" شقيق آخر يعاني من ضعف شديد في البصر، وفق الأم التي تقول "ابني كذلك ملتحق بمدرسة للمكفوفين، لا يستطيع القراءة الا باستخدام المكبر"، مضيفة "رغم أن قدراته البصرية أفضل من شقيقته، لكنه أيضا يعاني، من جودة التعليم، فضلاً عن عدم وجود مراعاة للفروقات الفردية بين الأطفال".

وتؤكد "أن جزءا كبيرا من موازنة المنزل تذهب إلى الدروس الخصوصية التي يتلقاها جنى وشقيقها"، موضحة "أحيانا أشعر بأن الأمر يفوق قدرتنا، لكن بالمقابل التعليم هو الضمان الأفضل لهما للعيش باستقلالية وكرامة مستقبلا".

تعكس قضية جنى وشقيقها، معاناة الكثيرين من الأطفال ذوي الإعاقة الذين انسحبوا من التعليم بسبب صعوبة الوصول إلى خدمات تعليمية خاصة بهذه الفئة أو تدني جودتها.

وفقا للتقرير القطري حول الأطفال خارج المدرسة في الأردن، والصادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، فإن العجز أو الإعاقة يعد عائقا رئيسا يحول دون التحاق الأطفال بالمدارس. 

ويرجع التقرير أسباب انقطاع الأطفال ذوي الإعاقة عن التعليم إلى "صعوبة الوصول لللمدرسة، فالمدارس المؤهلة غالبا ما تكون بعيدة، ناهيك عن أن المعلمين غير مؤهلين ومدربين بشكل جيد للتعامل مع هذه الفئة، كما أن المناهج غير ملائمة، بالإضافة إلى أن النظرة الدونية للطفل ذي الاحتياجات الخاصة من قبل معلمين وطلبة وأولياء أمور".

وبحسب أرقام وزارة التربية والتعليم، فإن عدد الأطفال من ذوي الإعاقة بمدارس الوزارة يقدر بـ16870 طفلا وطفلة.

ويكشف تقرير لـ"يونيسيف" عن "وجود نحو 90 ألف طفل، 41 % منهم في مرحلة رياض الأطفال، والبقية في مراحل دراسية مختلفة".

لكن لا توجد أرقام تبين نسبة الأطفال من ذوي الإعاقة غير الملتحقين بالتعليم.

بالمقابل، تأمل مديرة مديرية البرامج التعليمية في المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين غدير الحارس أن "يسهم مسح السكان والمساكن الذي تقوم به دائرة الإحصاءات العامة حاليا، في تحديد نسبة الأطفال من ذوي الإعاقة وأولئك المنقطعين عن التعليم منهم".

وترجح أن تكون النسبة "الأكبر من الأطفال ذوي الإعاقة خارج مقاعد الدراسة النظامية"، مشيرة إلى أن "واقع الحال فرص التعليم لدى هذه الفئة في المرحلة العمرية ما بين 6 و17 عاما "تقل كثيرا" مقارنة بغيرهم من الأطفال.

وتؤكد أن أصحاب "الإعاقات الحركية والسمعية والبصرية كافة يعانون من صعوبة في الوصول إلى التعليم، أو تدني في جودة الخدمات التعليمية المقدمة لهم"، لافتة إلى أن "الإشكالية الأبرز لدى الفئة التي تعاني من إعاقة سمعية وبصرية أو ذهنية خفيفية وحركية".

وترى الحارس أن "تدني مستوى الخدمات التعليمية، والخوف الزائد لدى الأهل على أطفالهم، وبعد المدارس عن مكان السكن، من أكثر الأسباب التي تدفع بالأهل إلى سحب أبنائهم من المدارس".

وتحذر من أن عدم إشراك هذه الفئة بالتعليم له تبعات سلبية جدا عليهم، كونهم سيبقون طيلة حياتهم يعتمدون على المحيطين بهم، ما يزيد من احتماليات التعرض للإساءة، أو أن ينتهي به المطاف بعد التقدم في العمر بدور الإيواء".

وفيما يخص الإعاقة البصرية، توضح الحارس "يوجد في عمان الأكاديمية الملكية للمكفوفين، والتي توفر خدمة المبيت لبعض الطلبة، إلى جانب وجود عدد محدود من المدارس الخاصة والحكومية التي توفر التعليم الدامج لهذه الفئة".

وتبين "الإشكالية في المدارس الدامجة أنها تعتمد بدرجة كبيرة على قدرات المعلم في إيصال المعلومة للأطفال، كما أن مسألة المبيت بعيداً عن الأسر فكرة غير محبذة".

وبشأن الإعاقة السمعية، تشير الحارس إلى وجود 11 مدرسة للصم في مختلف أنحاء المملكة، تكمن مشكلتها في "تدني نوعية الخدمات التي تقدمها"، لافتة إلى "أن نسبة كبيرة من هذه الفئة يصلون إلى مرحلة الثانوية العامة وهم يجهلون القراءة والكتابة، والسبب الرئيس لذلك عدم إتقان المعلمين للغة الإشارة، وفي حال إتقانها تكون هناك إشكالية في توصيل المعلومة للطالب".

وفيما تشير الحارس إلى أنه خلال العام الماضي كانت واحدة من مدارس الصم العريقة ضمن قائمة المدارس التي لم ينجح بها أحد، اعتبرت أن "استراتيجيات التعليم لطلبة هذه الفئة ضعيفة جدا، فضلاً عن أن بعض أسئلة "التوجيهي" التي تتطلب إجابتها أسلوب إنشائي لا تتناسب مع ذوي الإعاقة، ما يعني عدم مراعاة الامتحان للفروقات الفردية".

وبخصوص تحديات طلبة الإعاقة الحركية، تقول الحارس أهمها "عدم توفير التسهيلات البيئة لهم في المدارس"، مؤكدة أن نسبة كبيرة من الأطفال المصابين بالشلل الدماغي "تحرم من التعليم، بسبب عدم توفر مدارس مؤهلة قريبة من مكان سكنهم".

أما طلبة الإعاقة الذهنية، فتوضح الحارس أن تعليم هذه الفئة "يعتمد بشكل أساسي على تلقي الخدمة في الجمعيات التطوعية ومراكز التربية الخاصة ومراكز المنار الفكرية التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية".

وتضيف أن أثر ذلك يتمثل بـ"حرمانهم من حقهم في التعليم، وتخريج أجيال تشكل عبئا على الدولة نظرا لاعتمادها الكلي على المساعدات التي تقدم لها في ظل غياب برامج التأهيل المهني لمن هم فوق عمر 16 عاما، فضلاً عن ارتفاع أقساط مراكز التربية الخاصة والمدارس الخاصة بشكل يفوق قدرات الأهل".

وتؤكد الحارس أهمية مراجعة السياسات المتعلقة بالتربية الخاصة بالأردن، بما يشمل الحق في التعليم المناسب، ووضع معايير جودة الخدمات والبرامج، وتقييم العملية التربوية بدءا من المعلم وانتهاء بتكييف المنهاج والامتحانات، وتوفير مدارس مهيئة بيئيا للدمج.

وكان المركز الوطني لحقوق الإنسان طالب، في تقريره السنوي للعام 2014، بالإسراع في إيجاد حل لمشكلة حرمان الطلبة ذوي الإعاقة من التعليم.

وقال إن "هذه الإشكالية انتهاك واضح لحق الطفل ذي الإعاقة في التعليم، وتسبب هاجسا مؤرقا لأهالي الأطفال على مستقبل أبنائهم، واكتئابا للأطفال جراء مكوثهم في البيت وحرمانهم من الدراسة".

ودعا المركز، وزارة التربية والتعليم إلى "تبني منهج التعليم الشمولي الذي يركز على عدم إقصاء الأطفال ذوي الإعاقة من التعليم، بتوفير فرص تعليمية لهم، وتعزيز مفهوم تقبل الآخر لأقرانهم من غير ذوي الإعاقة".

أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.