لن أفند الغباء، فالكﻻم بل جهد المحاولة فيه، هباء، وإن كان ديننا يحضنا على عدم اﻷخذ برواية الفاسق، لعدم السقوط في الجهالة التي تقود للندم، فكيف إذا نستحسنها من ناقل أبله، يرويها حسب فهمه القاصر او يحرفها طلبا لمزيد من النجومية الزائفة...
منذ الصباح وأنا اقرأ تعليقات تستهدف رئيس مجلس اﻷعيان فيصل الفايز، يطلقها مطلقوها حسب فهمهم لتعليقات سبقتها، لكنهم لم يحضروا اللقاء التلفزيوني الذي يزعمون ان الفايز تحدث فيه بتلك التفاهات، فقاموا بنقل رواية مدسوسة او غبية وزاد عليها الناقلون حسب وعيهم بل ﻻ وعيهم..
يقول بعضهم بأن الفايز هاجم العشائرية ووصفها بالتخلف بينما هو يقول في اللقاء : إن العشيرة اﻷردنية قوية ومتنورة وخرج منها السياسي والاعﻻمي والطبيب والمهندس ولم يتراجع دورها..
كما يقولون في تلك التعليقات بأن الفايز قال بأن جﻻلة الملك يسبق اﻷردنيين بتفكيره ووعيه بمسافة تمتد لعمر جيلين كاملين، بينما ما قاله الفايز متعلق بالثقافة الديمقراطية وليس بالوعي، حيث سبق ذلك حديثه عن وعي ابناء العشيرة وعن تحصيﻻتهم ومواقعهم من قيادة المجتمع والتأثير فيه (السياسيون والاطباء ..الخ)، وأضاف: بأننا يلزمنا المزيد من وقت كي تتجذر مثل هذه الثقافة في عقولنا وسلوكنا، وبأننا نحتاج الى احزاب ذات برامج سياسية، لتتمكن من افراز نوابها الذين يمكنهم ان ينتخبوا او يشكلوا حكومات برلمانية، حيث كان الفايز يجيب على سؤال (متى من الممكن ان يستطيع اﻷردن تطبيق الملكية الدستورية وتكون الحكومات برلمانية؟).. فكانت اجابة الفايز شاملة ومنطقية واستندت الى ضعف ثقافتنا الديمقراطية، مبينا أن الحل يكمن في تجذر حزبية برامجية في تفكيرنا السياسي، ونتمكن من فرز نواب غير مستقلين لنحصل على مجالس نواب اقوى..وقد أجاب الفايز على السؤال متى سيحدث هذا؟ بالقول: بعد جيلين. وعبر عن فهمه الخاص لعمر الجيل الواحد بأنه 6 اعوام، حين قال : يجب ان نبدأ مع الطالب منذ الصف السادس (عمره 12 سنة) حتى يكمل مدرسته بعمر 18 عام، اي انه يتحدث عن جيل مدرسي بعمر 6 اعوام لكل جيل، وجيلين حسب تقديرات الفايز، تعني 12 عام..وهو رقم منطقي، تحدث عنه خبراء في موضوع تنمية وتطوير الموارد البشرية وقدروه ب ( 11 الى 12 ) عام..
وحسب حديث الفايز ﻻ توجد مقارنات من اي نوع بين وعي جﻻلة الملك ووعي الشعب اﻷردني..ولست افهم من أين جاء بل استننج بعضهم مثل هذه المقارنات البلهاء.
ويقول المعلقون (المضللون المغدورون) بأن فيصل الفايز قال في اللقاء بأن الأردن لم يكن موجودا قبل عام 1921، وهو كﻻم لا اعلم من أين جاء به المعلقون!! حيث كان الحديث عن الدولة الاردنية الحديثة، التي نؤرخ لها جميعا عام انطﻻقها وهو 1921 .
ولم يتضمن اللقاء التلفزيوني المذكور أية إشارة الى ما قبل ذلك التاريخ ولم يتحدث بما ذكره هؤﻻء البسطاء، الذين ينقلون الحديث عن غيرهم، وﻻ يكلف احدهم نفسه ان يبحث على جوجل عن المقابلة التلفزيونية، ويشاهدها ليحكم او على اﻷقل ليعلم ماذا قال الرجل وﻻ يتسرع بالنقل فيزداد البلهاء واحدا.
على العموم: الله يعين الناس والبلد على البﻻهة والغباء وجلد الذات..وعلى هذه اﻷمراض التي تتفشى فينا دون ان يكلف احدنا نفسه بالبحث لمدة دقيقة، كي يتثبت مما يشاع زورا وافتئاتا على اشخاص ويزرع فتنة ﻻ تصيب الأغبياء وحدهم، بل تنعكس على بﻻد اصبحت آخر قﻻع الأمن والسلم والكرامة (حتى وان لم تعجبكم فهي كذلك)... يا حيف على العقل والحكمة والمنطق واهلها.
وتاليا رابط للمقابلة فانظروا حجم الخطأ والسقوط حين ننخدع بكﻻم كتبه اعداء او خبثاء او اغبياء..
وارجو من كل الذين يرغبون بالتعليق (ضمن فسيبوك) ان يقدموا رأيا وليس شتائم فهم المسؤولون عنها مؤكدا بأنني سأشطب التعليق بعد نسخه .
وكل المحبة واﻻحترام لمن يملك عقﻻ حتى وإن كان من كوكب آخر، وكل التقدير واﻻعجاب بمن تعجبه بلده ويخشى عليها خشيته على بيته ونفسه.