• المدير العام ( المفوض ) .. عماد شاهين
  • يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
  • رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

د. حسن عبدالله الدعجة يكتب: الدور الملكي في دعم الاعتراف الأوروبي بالدولة الفلسطينية

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2025-08-05
479
د. حسن عبدالله الدعجة يكتب: الدور الملكي في دعم الاعتراف الأوروبي بالدولة الفلسطينية

 

منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من أكتوبر 2023، برزت الدبلوماسية الأردنية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني كواحدة من أكثر الأصوات العربية والإسلامية اتزانا وجرأة في الدفاع عن الحق الفلسطيني، وإعادة توجيه بوصلة المجتمع الدولي نحو حقيقة أن القضية الفلسطينية ليست أزمة أمنية أو إنسانية طارئة، بل هي قضية احتلال مستمر منذ أكثر من سبعة عقود، يعاني فيه الشعب الفلسطيني من الظلم والتهميش والاضطهاد.
في خضم ضجيج الروايات المضللة التي سعت إسرائيل لترويجها في الساعات والأيام الأولى بعد السابع من أكتوبر، والتي حاولت تصوير نفسها كضحية وتحويل أنظار العالم عن الأسباب الجذرية للصراع، كان الصوت الأردني حاضرا بقوة في جميع المحافل الدولية. فقد استخدم الملك عبدالله الثاني أدوات الدبلوماسية الهادئة تارة، والدبلوماسية الحادة تارة أخرى، للضغط على مراكز القرار الغربية، لا سيما في أوروبا، لتبني خطاب أكثر توازنا وإنصافا، يعترف بأن ما يحدث في غزة والضفة الغربية هو نتيجة مباشرة للاحتلال الإسرائيلي وسياساته العنصرية والتوسعية.
وقد بدأ التحول في المواقف الأوروبية بالظهور تدريجيا مع ازدياد وتيرة زيارات جلالة الملك عبدالله الثاني إلى العواصم الأوروبية الكبرى، مثل باريس وبرلين وبروكسل ومدريد، فضلا عن مشاركته الفاعلة في المؤتمرات الدولية رفيعة المستوى، واتصالاته المباشرة والمستمرة مع قادة الاتحاد الأوروبي، ورؤساء الحكومات، والبرلمانات، وممثلي منظمات حقوق الإنسان، ومراكز صنع القرار المؤثرة.
في كل محطة، حمل جلالته رسالة واضحة مفادها أن ما يجري في الأراضي الفلسطينية هو نتيجة للاحتلال، وأن استمرار الحرب لن يؤدي إلا إلى مزيد من العنف والفوضى. وركّز الملك في خطابه الدبلوماسي على نقطتين أساسيتين: أولا، ضرورة وقف الحرب فورا وحقن دماء الأبرياء، وثانيا، أن الحل الوحيد والعادل والدائم يكمن في قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولي.
وتجلت نتائج هذه الجهود الأردنية، التي دعمتها التحركات الدبلوماسية لوزارة الخارجية والمؤسسات السيادية الأردنية، في مواقف العديد من الدول الأوروبية التي بدأت تعيد النظر في سياساتها التقليدية المنحازة لإسرائيل. فقد صوتت عدة دول أوروبية في مجلس الأمن لصالح قرارات تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، وهو ما مثل تحولا كبيرا في السياسة الأوروبية التي كانت، في العادة، تصوت إما ضد هذه القرارات أو تمتنع عنها.
ثم جاء التطور الأبرز والأكثر رمزية عندما أعلنت أكثر من 15 دولة أوروبية، وعلى رأسها إسبانيا، وإيرلندا، والنرويج، وبلجيكا، وسلوفينيا، اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، إلى جانب مؤشرات إيجابية من فرنسا وبريطانيا نحو الاعتراف، في خطوة غير مسبوقة. كما صوّتت أكثر من 143 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح منح فلسطين عضوية كاملة، ما يعكس تحولا ملموسا في المزاج الدولي.
هذا الاعتراف لم يكن ليتحقق لولا تصاعد الضغط السياسي والأخلاقي من أطراف عديدة، كان للأردن فيها دور محوري، حيث شدد على أن الاعتراف بدولة فلسطين خطوة ضرورية لإرساء سلام عادل، لا عداء سياسي ضد إسرائيل.
كما ساهمت جهود الملك عبدالله الثاني في تحفيز الرأي العام الأوروبي، من خلال التأثير المباشر وغير المباشر على الخطاب الإعلامي والسياسي، وإعادة توجيه النقاشات حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي نحو جذوره الحقيقية. ففي الوقت الذي حاولت فيه بعض الحكومات الأوروبية التماهي مع الرواية الإسرائيلية القائمة على "حق الدفاع عن النفس"، جاءت كلمات الملك في البرلمان الأوروبي، والأمم المتحدة، والمنتديات الدولية، لتقدّم سردية مغايرة، تقوم على الحقائق التاريخية والقانونية والإنسانية. وأكد جلالته أن جذور الصراع لا تبدأ في السابع من أكتوبر، بل تعود إلى النكبة عام 1948 وما تبعها من احتلال وتشريد للشعب الفلسطيني وانتهاك مستمر لحقوقه.
لقد شكّلت مواقف الملك عبدالله الثاني نقطة التقاء بين المبادئ الأخلاقية والمصالح السياسية للدول الأوروبية، حيث سعى إلى إقناعهم بأن استمرار تجاهل القضية الفلسطينية ليس فقط ظلمًا لشعب بأكمله، بل هو أيضًا تهديد مباشر للاستقرار العالمي، وللسلم الإقليمي، ولصورة أوروبا كمدافع عن القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.
ويمكن القول إن الدبلوماسية الأردنية، بقيادة الملك، نجحت في تحقيق توازن دقيق بين الموقف الثابت من القضية الفلسطينية، وبين الحفاظ على علاقات إستراتيجية مع أوروبا والولايات المتحدة. لم يكن الأردن في موقع المعارضة العدائية، بل في موقع الشريك الناصح، الذي ينقل الرسائل بوضوح وصراحة دون تصعيد، مما أكسبه احتراما وثقة لدى العواصم الغربية.
لقد أثبتت الجهود الدبلوماسية للملك عبدالله الثاني أن الصوت العربي المعتدل، إذا ما اقترن بالثبات السياسي والحنكة الإستراتيجية، قادر على إحداث تغييرات حقيقية في النظام الدولي. إن تحوّل مواقف عدد من الدول الأوروبية لصالح وقف الحرب، والاعتراف بالدولة الفلسطينية، ليس مجرد نجاح دبلوماسي عابر، بل هو تحول إستراتيجي يُبنى عليه في المرحلة القادمة لتثبيت الحقوق الفلسطينية، وإعادة إحياء مشروع السلام العادل والشامل في المنطقة.
وقد آن الأوان للعالم أن يستمع لصوت الحق، الذي ظلّ الأردن، بقيادة ملكه، يردده بإصرار منذ عقود: لا أمن ولا سلام في الشرق الأوسط من دون إنهاء الاحتلال، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وعودة الحق إلى أصحابه
أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.